بســـم اللــه الرحــــمن الرحيــــم

تطل علينا مرة اخرى ذكرى محرم الحرام.. تستدر الدموع من الاعماق, و تعتصر القلوب حزنا على المقتول بارض كربلاء.. و تبعث في النفوس هوى عارما لدرب الحسين (عليه السلام), ولانسانية الحسين (عليه السلام)..
درب عبده الاباء و زينه النصر , وانارته اشراقة اليقين بلقاء الله, و طريق لا اوضح منه ولا اجلى, وقفت فيه الثلة المؤمنة على قلة العدد وخذلان الناصر, يتقدمهم سيد الاباء و رائد الفداء الحسين بن علي (عليه السلام), ليجسد قوله تعالى: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة باذن الله). وانسانية ينتسب اليها كل شريف.. وكل من تمثل روح الحسين و اخلاقه سلوكا يطفح بالايثار و انكار الذات.

انها انسانية الحسين, تطرد عن ساحتها لقلقة الالسنة المنافقة, تطرد كل من لا يرى سوى ذاته الضيقة المحدودة.
لقد راى الحسين دينا لا يستقيم الا ببذل دمه الطاهر, و امة اشد ما تكون احتياجا للاصلاح.. فتحرك ركبه من مدينة جده النبي (صلى الله عليه واله وسلم) متوجها الى مكة و منها الى كربلاء. كان همه الاكبر ان يعلو شان الاسلام, وان ينتشل المستضعفين من انياب الطواغيت.

وغادر الحسين مكة, لئلا يضطر اعداؤه المتجردين عن كل مبادئ لقتله فيها, و في ذلك من وجهة نظره انتهاك لحرمة البيت العتيق.. فخرج منها و هو يقول “لئن اقتل على تل اعفر , احب الي من ان تنتهك بي حرمة البيتآ”.

و اتجه الركب الى كربلاء, يقطع الفيافي و الوديان.. قاصدا الارض التي عرفها و وصفها له جده رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. آه منك يا كربلاء, كيف استقبلت اقدامه الشريفة؟ كيف شربت دمه الطاهر فاصبحت قبلة لكل ثائر ثار على الظلم و الطغيان و لكل رافض رفض الذل و الهوان و لكل مهاجر هاجر طمعا بجنان الرحمن..

“السلام عليك يا ابا عبد الله.. السلام عليك يوم ولدت و يوم استشهدت و يوم تبعث حيا.. السلام عليك يابن بنت رسول الله.. السلام عليك وعلى الارواح التي حلت بفنائك واناخت برحلك.. عليك مني سلام الله ابدا ما بقيت و بقي الليل و النهار, ولا جعله الله اخر العهد مني لزيارتكم”

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته…

Comments are disabled.